تذكر في تحديد الإبداع، أو الإبداعية Creativity لدى الإنسان تعريفات متعددة في الدراسات النفسية والنقطة المشتركة بين هذه التعريفات الإشارة إلى «خاصة الإبداع» أو «القدرة على الإبداع»، وإلى وجودها لدى الأشخاص المبدعين بوجه خاص. وتكون هذه القدرة من مستويات متعددة، وتبدو في أشكال من السلوك المبدع، وفي مقدمة ما يشمله هذا السلوك: التأليف والتخطيط والاستنباط والاختراع.
فإذا وضع الإبداع موضع التحليل من حيث ما يشمله من نشاط مبدع أمكن القول إنه القدرة على حسن تفهم علاقات قديمة في خبرة الشخص، وتصور أو استنباط علاقات جديدة، والانتهاء من الاختيار والتمييز بين الإمكانات المتعددة إلى حلول مبتكرة وذات معنى لمسألة أو موضوع. ويحتمل في هذا الموضوع أن يكون فكرياً أو أن يكون متصلاً مباشرة بما هو مادي. من هذه الزاوية تبدو هذه القدرة في نوع الانفكاك في منظومات فكرية سابقة أخذت صيغة جديدة تنطوي على الأصالة وتوصف بالإبداع أو الابتكار.
الاهتمام بالإبداع:
إن المبرزين في مختلف ميادين الأعمال كانوا دوماً موضع تقدير الناس واهتمامهم. إلا أن دراسات غالتون Galton في إنكلترة عام 1869 كانت في مقدمة ما لفت أنظار العلماء إلى العباقرة والبحث في مكونات عبقريتهم. لم يحاول غالتون جدياً فهم العمليات العقلية الموجودة في إبداع العباقرة لأفكارهم الجديدة، بل اتجه بدراساته نحو محدِّدات الإبداع الوراثية.
ولقد اهتم ـ أكثر من اهتم ـ بدراسة الأسر التي أنتجت العباقرة وبصلات القربى فيها. ثم أصبحت دراساته من «كلاسيكيات» علم الوراثة وإن لم يتوصل إلى تعيين ماهية الإبداع وكيفية توارثه.