الحمد لله الذي بتحميده يستفتح كل كتاب ، وبذكره يصدر كل خطاب ، وبحمده يتنعم أهل النعيم
في دار الجزاء والثواب ، وباسمه يشفى كل داء ، وبه يكشف كل غم وبلاء ، والصلاة والسلام
على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الكرام : قضت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يشرف أمتنا برسالة الإسلام ، حيث انطلق
هذا الدين العظيم من جزيرة العرب نوراً وعلماً وتسامحاً وخيراً للناس أجمعين ، والإسلام إنما جاء هدى ورحمة للعالمين من يوم نزوله إلى أن تقوم الساعة ، وهو ليس عدواً لمن استظل تحت رايته أو سالمه وسالم أهله ،فمن طلب الهدى في هذا الدين وجده ، ومن أبى فقده .
وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في الرحمة والشفقة على خلق الله صغاراً كانوا أو كباراً ، رجالاً كانوا أو نساء ، وقد ورد في ذلك أدلة كثيرة .
عن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من لا يرحم الناس لا يرحمه الله ) .
وعن عبدالله بن عمر بن العاص رضي الله عنه ،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض، يرحمكم من في السماء ) .
إن الإسلام لا يعرف الأحقاد والضغائن التي أوردت البشرية موارد الهلاك في كثير من مراحل حياتها .
إن القلوب القاسية التي لا تعرف الرحمة ولا الشفقة ليست هي قلوب المؤمنين الصادقين ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تنزع الرحمة إلا من شقي ) .
وقد شملت رحمة النبي صلى الله حتى الجمادات ، فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا خطب قام على جذع من جذوع ، فلما صنع له المنبر قام عليه خطيباً ، فبكى الجذع وسمع له الصحابة صوتاً ، فنزل النبي صلى عليه وسلم من على المنبر ، ووضع يده على الجذع حتى هدأ وسكن .
هكذا كانت رحمة النبي صلى الله عليه وسلم فمن نحن حتى لا نرحم الناس .
هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .