حطَّ البراقُ على ثرى البـطحاءِ والليلُ يضرب خيمةَ الظـلماءِ
حطَّ البراق على بساط جهالـةٍ سوداءَ قد أغفت على شـحناء
وعلى مفاخرَ من بقايـا يعرُبٍ تُذرا وتُنفح في لَهى الشعـراء
حطَّ البراق كما تحـطّ الطير من كبد السـماء لرشـفةٍ من ماء
أو حبتَـي قمـح تناثـرتـا هنا في ساحِ (مكة) كعبةِ الصحراء
.. ماذا يرى جبريل في أصنامها في قرية ضاعت على البـيداء
حتى أتاهـا ضـاحكاً مستبشراً واختصَّها عن دارة الجـوزاء
صمتاً براق فمـا عهدتُك نافـراً عن بيت إبراهيمَ ذي الأرجـاء
كـن مثلمـا شاء الإلـهُ مباركاً فلسـوف نأتي سـيدَ الغبراء
من سـفَّهَ الأصنام في غُلَوائـها فـرداً بلا جيشٍ ولا نُصَـراء
من عاش مسـكيناً يتيماً صابـراً ليدافع البـؤسى عن البـؤساء
سرْ يا بـراقُ به فهذا المصطفى في قومـه، هذا أبو الزهـراء
سر يا بـراق فأنت أكرم حـاملٍ لأعزّ محـمولٍ – إلى سـيناء
سر فيه فوق الظالمين وقل لهـم: هذا الـذي تـرمـون بالأقـذاءِ
هذا الذي راود تموه عن الـهدى ووصمتـموه بأشـنع الأسـماء
هذا الذي طاف القبـائلَ لاجـئاً فرجمتموه بوابـلِ الحصـبـاء
وجرحـتمُ قدمـهِ حتى ابـتلَّتـا بدمائه ، وانـهـدّ من إعـيـاء
وشـكـا إلـى الله العـليِّ بلاءه شكوى الضعيف لأرحم الرحماء
فلترتفعْ قدمـاه فوق رؤوسـهـم بعـد الهـوانِ وشِـدَّةِ الإيـذاء
إن ينبذوه ففي السـماء لـه مرا دٌ واسـع من ســدّة العـلياء
أو يظلموه فحسـبه نصر الإلـ ـه وعدلُه الرابي على الفرقاء
سرْ فيه حتى (المسجد الأقصى) المُبا رَكِ حوله واهبطْ على (إيلياء)
دارِ النبيين الأولى ركزوا اللـوا ء على رُفات الشرك والأشـلاء
من عهد داوودَ النبيِّ إلى سليمانَ الحكيـم وآلِ عمرانٍ إلى العـذراء
حطّ البراقُ على بساط (القدس) مز هوّاً يُجيل الطرف في الأنحاء
لا حـسّ إلا وقـعُ أقـدام الرسو ل يحفُّه جبريل في الظـلماء
دلفـا إلى المحـراب سـنّة زائرٍ وتـبـتـّلا لله .. ذي الآلاء
وأتاهما المعراجُ يُوطيءُ متنَـهُ من علَّقَ الدرجات في الجوزاء؟!
اللهُ عـلّقـها وشــدَّ حـبالَها من غير صـاروخٍ ولا خُبراء
الله علقـها وأمسـك تحـتهـا أرضـاً مطـوّفة بكل سـماء
الله علقها وأمسـك حولهـا الد نـيا بـلا عَـمَـدٍ ولا إرساء
.. صُعُداً أبا الزهراء فوق ظلامهم واهنأْ فدربُكَ طافِحُ الأضواء
هذي النجوم الزهرُ جئَنكَ سمّراً فاسحبْ على السمار ذيلَ عفاء
واعرجْ نطف بالأنبياء فعـندهم نصحُ الهداة وخبرةُ الحكـماء
كم كافحوا الطاغوت في جبروته وتـدرعوا ببطولـة الشـهداء
كم أخرسوا الكفر البهيم وحطموا للشرك من صنم ومـن خيلاء
وإليكَ قد دفعوا اللـواء تـيـمناً فيما حبـاك الله من سـيـماء
لما اصطفاك على الأنام محـمداً لما دعاك بأحسـن الأسـماء
لما بُعثتَ إلى الأنـام جمـعِيهـم لا فرق بين العرب والعجماء
لما رقى بكَ فوق آفـاق الـورى في ليلـة المعراج والإسـراء
صعداً أبا الزهراء حتى المنتهـى من سِدرة وجلالـة وبـهـاء
واسـجدْ لربـك شـاكـراً آلاءه واسأل لِتُعطى غايةَ الأشيـاء